لم أعتد الكتابة عنك، رغم أنني كتبت لك كثيرا حين كنتَ في سجنك الطويل، متنقلاً بين (النقب) و(عوفر) و(ريمون)، عبر رزمة من الفصول المتعاقبة..
لكن دافعي للكتابة عنك الآن، وأنت في سجنك (الفلسطيني) يشبه حاجة المرء لأن يصدح بوفائه وامتنانه لمن يستحقه، حتى وإن لم تربطه به علاقة مودة أو قرابة، فكيف بمن يمثّل نصفه الآخر وظلّ روحه وشطر هويته غير المرئي للآخرين؟!
كنت سأختزل وصفي حضورَك الكثيف في عالمي بالقول إنك وطني، وأنا التي أرى كل الأشياء في مرآته، غير أن شروخ الوطن الكبيرة باعدت بيني وبين هذا الاختزال، فعهدي بك رجلاً مكتمل المروءة؛ قامةً من وفاء، وشلالاً لا ينقطع من عطاء، وسَنداً لا يتعبه طول الوقوف على حواف المحن، ومُحبّاً يبذل صدقه فعلاً لا كلاماً مرسلاً بلا رصيد..
جعل الله أيامك في سجنك ظلاً وريحانا، وأعادك لنا شامخا أبيّا