والمقاومة بألف خير!
لمى خاطر
في كلمته عقب إعلان الحكومة الجديدة، قال السيد إسماعيل هنية
"إننا نغادر الحكومة، والمقاومة بألف خير".. والحقيقة أن ما قدمته حماس
للمقاومة في غزة؛ حركةً وحكومة، أمر لا ينكره منصف، حتى لو كان على خلاف مع
الحركة. فالتطور الذي شهدته المقاومة في عهد الحركة بادٍ للعيان، وتم اختباره
ميدانياً في جميع جولات المواجهة التي خاضتها غزة منذ عام 2007. وحسْب الحركة –على
الصعيد المقاوم- أن عملية وفاء الأحرار جرت في عهدها وبرعايتها.
غير أن كلّ محب للمقاومة ومنحاز لمشروعها سيبدأ من الآن فصاعداً بالقلق
عليها وعلى مستقبلها، حتى مع التأكيدات الكثيرة بأن المقاومة ستظل مصانة، خياراً
وعتاداً وجيشا.. لكن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر. خصوصاً بالنظر إلى طبيعة
البرنامج السياسي للسلطة، وبإفرازاتها السيئة على واقع المقاومة في الضفة الغربية
منذ عام 2007، إضافة إلى التغيرات ضمن النطاق الإقليمي، والتي لا تشي حتى اللحظة
إلا بموجبات القلق من المستقبل، في ظل الحرب الاستئصالية الواسعة المنتهجة ضد
التيارات الإسلامية المثمرة في الأمة، ولن تكون فلسطين استثناء.
لا نقول هذا الكلام من باب تغليب التشاؤم، أو التعلق بنظريات المؤامرة
والرهان عليها، بل لأن نهج المقاومة يحارب علناً ودون مجاملة، ولن يكون تذاكياً
زائداً أو توقعاً خارقاً اليقين بأنها اليوم أمام تحديات كثيرة، أبرزها إمكانية
تجريمها واستهدافها في المستقبل ووسم سلاحها (بغير الوطني) نظراً لأن قوانين
السلطة لا تجري عليه، وهي القوانين التي قزّمت مفهوم الوطنية، حتى غدا يعني كل ما
هو مضاد للوطنية الحقّة.
لقد كانت حماية المقاومة هي الإيجابية الأهم لوجود حماس في حكم غزة،
بل إن المقاومة كانت تواجه خطر التصفية الشاملة قُبيل حسم 2007، ولذلك فإن المخاطر
المحيقة بها لن تظهر الآن، بل عقب إجراء الانتخابات القادمة، وهي الانتخابات التي
سيُعاد فرض الاشتراطات الدولية السابقة على نتائجها، بغض النظر عن الطرف الفائز.
ولذلك، فإن كانت حماس قد تخلّصت الآن فعلاً من أعباء الحكم، فإن عليها
أن تجتهد في التركيز على اجتراح آليات حماية مقاومتها في غزة، واستنهاض نظيرتها في
الضفة، وإن كانت إشكاليات تشكيل الحكومة قد شهدت مبادرات مرنة وواسعة من حماس
لتذليلها، فإن هذه المرونة ينبغي ألا تنسحب على موضوع المقاومة، لأنها الثابت
الأهم لدى حركة يُفترض أن تبقى لصيقة بمنطلقاتها.
ومسألة المقاومة لا يجوز طرحها للتداول مع فريق أو قيادة تجاهر برفضها
وملاحقتها، بل إن حمايتها رهينة بالتوافق مع الفصائل المؤمنة بها والرافعة لواءها،
ومثلما أن حماس لا تملك فرض وصاية على حركة فتح والسلطة في نهجهما التفاوضي، رغم
أنه مستنكر من قبل غالبية الفلسطينيين، فإن قيادة السلطة لا يجوز أن تمنح نفسها
تحت أي ظرف الحق في التدخل في خيارات المقاومة، أو الاقتراب من قوامها، تحت أية
ذريعة أو حجة، وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات القادمة.. هذا ما ينبغي أن تعمل
عليه حماس الآن، إضافة إلى سعيها مع بقية القوى المؤمنة بالمقاومة إلى انتزاع ضمانات
واضحة وموثقة بعدم المساس بها، فهي ليست فقط رصيد الفلسطينيين الحقيقي، بل قلعة
الأمة الأخيرة أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق