الثلاثاء، 3 فبراير 2015

لماذا القسام؟ لماذا الآن؟



لماذا القسام؟ لماذا الآن؟
لمى خاطر

صحيح أن سؤال (لماذا الآن) لا يبدو مهماً إذا ما طرح بين يدي حدث أو تطور متوقع، لكنه في بعض الأحيان يضيء زاوية في خضم محاولات تفسير وفهم الدور الوظيفي لكيان ما على الساحة.

وصحيح أن قرار القضاء المصري تصنيف كتائب القسام منظمة إرهابية لم يكن مفاجئا، إنما يعبر عن هوية وأجندة نظام الانقلاب باعتباره امتداداً طبيعياً بل متطرفاً لنظام كامب ديفيد، غير أنه لم يكن عبثاً صدوره في هذا الوقت، أي بعد معركة العصف المأكول التي استبسل فيها مقاتلو القسام أيما استبسال في اشتباكهم مع الاحتلال، وبعد نيلهم تأييداً جارفاً على مستوى الأمة، وهو ما يعني أن نظام الانقلاب قد قلب ظهر المجن بشكل سافر هذه المرة للقضايا القومية (وخصوصاً قصية فلسطين) التي ظلّت أنظمة الحكم المتعاقبة في مصر تؤكد على التزاماتها تجاهها وتدّعي تصدّرها أولوياتها.

لا قيمة للحديث هنا عن البعد الإخواني لحركة حماس، وافتراض أنه فقط من يجلب عداء الانقلاب لها أو يسوّغ ممارساته ضد غزة وصولاً إلى وسم كتائب القسام بالإرهاب، ولنا أن نطالع بقليل من التدقيق حجم الاحتفاء الصهيوني بهذا القرار لندرك مدى حاجة نظام الانقلاب إلى مباركة إسرائيلية دائمة لوجوده، مثلما عمل نتنياهو عراباً لهذا الانقلاب في المجتمع الدولي بعد 30/6، في وقت كانت فيه عدد من الدول الغربية غير قادرة على مجاراة الواقع الجديد الذي تأسس على بحر من الدماء والإطاحة يسلطة منتخبة.

وهنا، كان لا بد من تجديد الاصطفافات وإيصال رسالة مباشرة هذه المرة للاحتلال بأن في غزة عدواً مشتركاً لنا ولكم، ولا مجال للتعامل معه بلغة الحوار، وهو ما سينعكس سلباً أيضاً على فرص تنفيذ التزامات التهدئة بإعادة الإعمار ورفع الحصار.

قرار القضاء المصري هو حلقة في سلسلة إجراءات عديدة تستهدف مسار المقاومة وتشترك في إنفاذها أطراف عدة من بينها الاحتلال والسلطة ونظام الانقلاب، وهو يعني أن الخطر المحدق بغزة ومقاومتها لم يعد حكراً على الاحتلال وحسب، ولعل نظام السيسي الذي يشن حالياً حملة عسكرية باطشة في سيناء يظن أنه بإمكانه التحوّل إلى غزة في حال تمكّن من حسم الأوضاع في سيناء سريعا، رغم أن هذا يبدو خياراً غير ممكن على المدى القريب. ولكن في كل الأحوال من الواضح أن واقع غزة ليس في طريقه للانفراج، وفيما تبتعد وتغيب إمكانات التسوية تحل مكانها لغة العداء المطلق دون الإبقاء على (شعرة معاوية) بين غزة والنظام المصري، وهو أمر يبدو متساوقاً بالكامل مع نهج نظام دموي أنجز سيطرته وتحكمه بقوة السلاح لا بمنطق السياسة.

ولذلك يمكن أن نتوقّع ارتفاع موجة التحريض ضد حماس والمقاومة في غزة مع تزايد توتّر الأوضاع في سيناء، وذلك بهدف تسخين المزاج العام وتحريضه ضد غزة ليكون ممكناً اتخاذ أية خطوة ضدها، فرغم أن من يهاجم عسكر نظام الانقلاب في سيناء تنظيمات غير فلسطينية وتعلن بوضوح مسؤوليتها عن عملياتها إلا أن التركيز الإعلامي المصري على وجودها ودورها يبقى ضعيفا، حتى والجيش يشن عمليات استئصال واسعة بحقها في سيناء، ذلك أن المطلوب حشد التحريض وإذكاء الحقد ضد خصم واحد في هذه المرحلة لإيهام العوام بأنها حرب ضد تيار وليست ضد مجموعة أعداء صنعهم هذا النظام، وآخرين يعاديهم كعربون وفاء لحليفه الاستراتيجي (إسرائيل).

بقي أن نقول كذلك إن كلمة السر في حضور كتائب القسام الكثيف في واقع القضية، وفي عداء شياطين الأرض لها، ليست في كونها فقط تشكيلاً مسلّحا يقاوم الاحتلال الصهيوني، بل في حسن إعدادها وجودة إنتاجها من الرجال والعتاد والإنجازات، وفي كونها تمثّل حالة قائمة بذاتها فكرياً وعسكريا، تُحتذى وتُحاكى ولا تنقاد، ويستحيل إخضاعها أو تأجير بنادقها أو إلحاقها بحالة أخرى.
وكلنا ثقة بأن ما عجز عنه الاحتلال سيفشل فيه بالضرورة حراس أمنه وطالبو مباركته وتأييده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق