جرائم مركّبة، ماذا عن الحساب؟!
لمى خاطر
ثمة مشكلة ذهنية مستعصية يعاني منها داعمو الانقلاب العسكري الدموي في
مصر، هي اعتقادهم أن أرتال الجرائم التي ارتكبتها سلطة السيسي وجنرالاته لتثبيت
انقلابها يمكن طمس آثارها بتقادم الزمن، أو كنسها تحت سجادة الأيام، بحيث يمكن أن
تستقيم بعدها حقبة طويلة أخرى من حكم العسكر، حتى وإن كانت أشنع وأفظع من جميع
الحقب السابقة.
ومثلما أن داعمي هذا الانقلاب ليسوا حكراً على الساحة المصرية وحسب،
بل يتوزعون على مساحة العالم ما بين أنظمة عربية خشبية رأت أن مصلحتها في دعم
الجمهوريات القمعية، وأخرى تتقاطع مع نظام السيسي في الفتك والإجرام بحق المطالبين
بالتغيير لديها، إضافة إلى حلف الاستعمار وعلى رأسه إسرائيل، وملحقاً بذلك كل
الملتاثين عقلياً ونفسياً ومبدئيا، فإن جرائم الانقلاب في المقابل ليست حكراً على
الساحة المصرية كذلك، ويكفي التطلع إلى ما تكابده غزة من مرارة الحصار المحكم تارة،
ثم رمي مقاومتها بالإرهاب تارة أخرى، وإقناع الدهماء بأن غزة سبب جميع ما تعانيه
مصر من إرهاب ومشاكل اقتصادية ونقص في الوقود والخبز والكهرباء!
إنما الآن، وبعد مرور أكثر من عام ونصف على الانقلاب وتبعاته، وعلى
حالة القمع والدموية والفوضى التي طبعت الحياة في مصر، وامتدت لتطال حتى داعمي
الانقلاب من خصوم الإسلاميين، فإن المشهد ينبئ بأن الأزمات المستعصية التي باتت
تُقذف في وجه هذا النظام هي جزء يسير من فاتورة الحساب التي سيتعين عليه دفعها
عاجلاً أم آجلا، هذه الأزمات تتجلى في أكثر من مسار اقتصادي واجتماعي وسياسي
وعسكري، وتشير إلى تخبط نظام لا يجيد سوى فرض سطوته بقوة السلاح، ولعل تداعيات
المشروع الوهمي بحفر قناة أخرى في السويس مثال واضح على ذلك، إضافة إلى مجزرة ستاد
الدفاع الجوي الأخيرة، وقبلها تسريبات مكتب السيسي ضد دول الخليج التي دعمته
بالمليارات وساهمت في تثبيت انقلابه، ثم جاءت التسريبات لتسيء له أمامها، ولها
أمام شعوبها التي بدأت تتساءل عن جدوى إنفاق ملياراتها على نظام من هذا الطراز!
لكل شيء نهاية، وحكم جنرالات القتل الذي نفّذ انقلابه وفق خطة تجاوزت
حدوده لن يدوم للأبد، حتى وإن بدا أنه أخذ فرصة أطول مما ينبغي في الحكم والسيطرة،
لكن جرائمه المنسربة في أكثر من اتجاه ستظل شاخصة في مسار التاريخ، إنما تبقى
مسؤولية مجابهته وإغلاق آفاق عونه ودعمه غير مقتصرة على جمهور الثورة في مصر،
ولعلّ شعوب الخليج اليوم أمام اختبار حقيقي، وهي مطالبة بموقف قادر على إلزام حكوماتها
بالكف عن دعم اللصوص والسفاحين في نظام الانقلاب، لأن هذا الدعم هو شريان حياته
والعمود الفقري لجيش طغى في مصر وعلى حدود غزة، وأسهم في إفقار بلده وتجويع
جيرانها، وكل هذا خدمة لحفنة قذرة من لصوص الأوطان، تستند فرص بقائها على قدر ما
تقدمه من خدمات لأعداء الأمة وسدنة المشاريع الاستعمارية فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق