لا
يصحّ أن تطالبَ غيرك بما تعجز عنه لو كنتَ مكانهم وواجهتَ ظروفهم.. ولا أن
تشجّع على خسارات لن تكون شريكاً فيها، ولن تطالك آثارها!
الأربعاء، 26 فبراير 2014
الاثنين، 24 فبراير 2014
جناية أوطاننا على أحرارها
لمى خاطر
منذ أن تابعت الجلسة الأولى لمحاكمة الرئيس المصري محمد مرسي، ثم ما
تلاها من محاكمات أغلقَ آخر فسحة من نزاهتها ذلك القفص الزجاجي الذي حُبس فيه
الرئيس مرسي وإخوانه، أيقنت أن هذه الأوطان ما زالت مسكونة بعشق أبله لمن يحسنون
إرهابها وحسب، وأن صمام احتياجها للحرية ينفلت على آخره إذا ما منحتها صدفة
تاريخية رئيساً بمواصفات مدنية وبنهج (ناعم) يحاول تطبيق أو مسايرة المبادئ التي
تتشدّق بها أفواه المنتسبين زوراً للتيارات الداعمة لقيم العدالة والكرامة والحرية،
والذين يسهل انقلابهم على مبادئهم إن رأوا مصالحهم في ركب تيار البطش والاستبداد!
فهذه الأوطان ما زالت أسيرة موروثات اجتماعية وسياسية لا تفقه سوى
منطق التغلب، مقابل الاستخفاف بصاحب السلطان الضعيف حتى لو بدر منه احترام لكرامة
الناس وحقهم في التخلص من هواجس الخوف التي تطارد أحلامهم.
ويبدو الآن أن مرحلة الرئيس مرسي كانت لازمة فقط لكي تعين أذهاننا
اليوم على استحضار هذه الحقيقة المؤلمة والمزعجة والباعثة على ازدراء كل الظروف
وصانعيها، ممن كان لهم دور في تكريس عبودية الهيمنة والانصياع لكل ما تنتجه
وتسويغه اقتناعاً أو خوفا.
ولذا كان علينا وما زال واجبنا أن نبحث عن حريتنا الداخلية المسلوبة
بالتزامن مع نشدان حرية أوطاننا والتنظير اللامحدود لها، وكان علينا أن نفهم ما
يلزم للتعامل مع خصائص مجتمعات تغريها القوة الباطشة بالتأييد الأعمى أو الصمت
المرتجف.
وليست مصر وحدها قطعاً من تغشاها هذه العقد الاجتماعية والسياسية
القادرة على الغدر بثوراتها النظيفة، لأن ما يوحّد بلادنا العربية فعلاً ليس
رابطتها القومية، بل تلك الخصائص النفسية الغريبة لمواطنيها، أو للفئة الطاغية
منهم القادرة على العبث بالمزاج العام وتنويمه مغناطيسياً دون أن تلفت انتباهه
لورطة التناقضات التي يغرق فيها.
هذا الافتتان بالبطش وبلغة الدوس على الخصوم، سيظل النصل الذي يسفك دم
رقابنا كلّما استبشرت بالمستقبل، ولو لم تكن كذلك لما وجدتَ عسكريا مثل السيسي
أمثولته الوحيدة في بلاد العرب أنه جزار وغادر، وهي أمثولة لم تضخم من حجمه إلا في
بلادنا بينما ظل صغيراً في اعتبارات الآخرين حتى أولئك الذين تطلعوا للتحالف معه
لأجل مصالحهم، وكانت تجليات ذلك واضحة مثلاً في زيارته الأخيرة لروسيا.
ولعل حرية لا تنتزع بقوة السلاح ثم تفرض بقوة العدل المسلّح لا تناسب
أوطاننا، لأن يقينها بكذب الشعارات جعلها تستهين بكل من لا يخاطبها من خلف هالته
العسكرية، أو محاطاً بحملة النياشين!
ربما ما عاد منطقياً القول إن الرهان على الأقلية الفاعلة في المجتمع
سيكسب في النهاية، لكن كل يوم يمرّ دون أن يبسط المستبدون سلطانهم وينعموا باستتباب
التبعية لهم يعني إنقاصاً من عمر وخرافة الزعامة الباطشة.. ولكن في المقابل يبدو
واضحاً أنه ما زال يلزمنا الكثير من الأيام والأعمار والدماء قبل تجفيف مستنقعات الاعتناقات
البلهاء للسطوة، والقضاء على رؤوس الأفاعي كلّها التي تبث سموم وهمها في عروق
وعقول الأجيال!
حين يتحكّم الرويبضة في مؤسساتنا الأكاديمية!
تلقيت أمس دعوة من الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل للمشاركة في تكريم الفائزين في المسابقة الثقافية التي نظمتها الكتلة، في حفل من المقرّر تنظيمه يوم غد الثلاثاء.
لكنّني فوجئت اليوم بقرار صادر عما يسمى (إدارة الجامعة) يحظر دخولي الجامعة، بحجة كتابتي منشوراً على صفحتي هذه قبل مدة، ينتقد إزالة المواد التي تحمل شارة (رابعة) من معرض الكتلة الإسلامية، رغم أنني حينها تحدّثت بشكل عام ولم أذكر جامعة الخليل بالاسم، نظراً لتكرار الحادثة في عدة جامعات.
سأنتظر تفسيراً من إدارة الجامعة حول هذا القرار (الأمني) المتعسّف، لأنني لا أعتقد أنه صادر عن الإدارة بل عن بعض الصبية الذين يسيئون استغلال مناصبهم في دائرة شؤون الطلبة ويتعسّفون في اتخاذ القرارات، تقرّباً للأجهزة الأمنية، وتنفيساً لأحقادهم المريضة!
خصوصاً أن قرار المنع شمل كل من زار معرض الكتلة في حينه، بمن فيهم النائب سميرة الحلايقة!
ولكن رغم ذلك فما زلتُ أرى أن لي في جامعة الخليل أكثر من كلّ أولئك الذين أفسدوا أجواءها وجعلوها ملحقاً أمنيا، فهي الجامعة التي تخرّجت فيها بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ويعرفني كثير من أساتذتها الأفاضل الذين تشرّفتُ بتلقي العلم عنهم.
فليتفضل الدكتور نبيل الجعبري ومعه إدارة الجامعة الحقيقية ليبلغوني بالمسوّغات القانونية لهكذا قرار، لأنني حتى لو انتقدت الجامعة وسياساتها بالاسم فلا يحقّ لهم منعي من دخولها، أم أن هذه قيم حرية الرأي والتعبير الجديدة التي تبشّر بها مؤسساتنا الأكاديمية؟!
تلقيت أمس دعوة من الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل للمشاركة في تكريم الفائزين في المسابقة الثقافية التي نظمتها الكتلة، في حفل من المقرّر تنظيمه يوم غد الثلاثاء.
لكنّني فوجئت اليوم بقرار صادر عما يسمى (إدارة الجامعة) يحظر دخولي الجامعة، بحجة كتابتي منشوراً على صفحتي هذه قبل مدة، ينتقد إزالة المواد التي تحمل شارة (رابعة) من معرض الكتلة الإسلامية، رغم أنني حينها تحدّثت بشكل عام ولم أذكر جامعة الخليل بالاسم، نظراً لتكرار الحادثة في عدة جامعات.
سأنتظر تفسيراً من إدارة الجامعة حول هذا القرار (الأمني) المتعسّف، لأنني لا أعتقد أنه صادر عن الإدارة بل عن بعض الصبية الذين يسيئون استغلال مناصبهم في دائرة شؤون الطلبة ويتعسّفون في اتخاذ القرارات، تقرّباً للأجهزة الأمنية، وتنفيساً لأحقادهم المريضة!
خصوصاً أن قرار المنع شمل كل من زار معرض الكتلة في حينه، بمن فيهم النائب سميرة الحلايقة!
ولكن رغم ذلك فما زلتُ أرى أن لي في جامعة الخليل أكثر من كلّ أولئك الذين أفسدوا أجواءها وجعلوها ملحقاً أمنيا، فهي الجامعة التي تخرّجت فيها بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ويعرفني كثير من أساتذتها الأفاضل الذين تشرّفتُ بتلقي العلم عنهم.
فليتفضل الدكتور نبيل الجعبري ومعه إدارة الجامعة الحقيقية ليبلغوني بالمسوّغات القانونية لهكذا قرار، لأنني حتى لو انتقدت الجامعة وسياساتها بالاسم فلا يحقّ لهم منعي من دخولها، أم أن هذه قيم حرية الرأي والتعبير الجديدة التي تبشّر بها مؤسساتنا الأكاديمية؟!
الجمعة، 21 فبراير 2014
الأربعاء، 19 فبراير 2014
حين
تصدر من داخل البيت الفتحاوي مطالبات بتأجيل انتخابات المجلس الوطني ومنظمة
التحرير إلى أن تهدأ الأوضاع في المنطقة العربية، فالأوْلى أن تصدر
مطالبات مقابلة بتأجيل انتخابات المجلس التشريعي حتى تهدأ الساحة
الفلسطينية، فينتهي حصار غزة، ويرحل الاحتلال عن الضفة
أما انتقاء ما يناسب حركة فتح فقط من كل الاتفاقات، فهو استغفال سياسي خالص!
أما انتقاء ما يناسب حركة فتح فقط من كل الاتفاقات، فهو استغفال سياسي خالص!
الثلاثاء، 18 فبراير 2014
لأن شهامة المشاعر – يا صديقتي – قلّ أن تجتمع مع استثنائية البطولة..
فالأولى يلزمها شجاعة التجرد من حبّ الذات، أما الثانية فقوامها جرأة على
الموت عند الوقوف على حافة الحياة، وقد يكون في رحلة الرجوع من تلك الحافة
توق جديد للدنيا وفرصها الواسعة
أما الجمع بين الافتراقات الشاسعة فتحوزه فئة نادرة من فرسان هذا الزمان
أما الجمع بين الافتراقات الشاسعة فتحوزه فئة نادرة من فرسان هذا الزمان
الاثنين، 17 فبراير 2014
خطوط الإنزال وكمائن الإقلاع!
لمى خاطر
سيكون من بواعث الشفقة أكثر من أي شيء آخر حين تشاهد هذا الذي يعي تماماً أن ميدان المعارك محرّم عليه، بقانون أعدائه، وبمقاس مشروعه، وبمدى خيبته، وقد تفنّن في استعارة المصطلحات الحربية ليسبغها على لقاءاته التطبيعية مع محتليه، وجلسات خضوعه لهم ولمنطق ابتزازهم في الجولات المسماة (تمويها) مفاوضات!
بل إن لجوء المستويات الإعلامية والسياسية لقيادة السلطة على مرّ تاريخها إلى توظيف التعابير الحربية لوصف حراكها العقيم، لا يخفي فقط محاولات لتزويق الفشل وتسويقه إعلامياً بأغلفة براقة، إنما يشي كذلك بمكانة فقه المعارك وأدواته ووسائله في الوعي العام، حتى لدى مناوئيه أو العاجزين عن خوض غمار المعارك الحقيقية، ولذلك تجدهم يتعلّقون بأسمال مصطلحات العسكرة، ويحشرونها بين رفوف اتفاقاتهم، فتغدو التسوية المذلة هجومَ سلام، واللقاءات التطبيعية إنزالاً خلف خطوط العدو، وسفسطات صائب عريقات في شرح نظرية التفاوض خطة إستراتيجية ستوقع إسرائيل يوماً في كمائنها، وتوهان ممثلي السلطة في أروقة الأمم المتحدة (غير النظيف ولا المبرأ من التواطؤ مع إسرائيل) حرباً دبلوماسية ترتعد بسببها فرائص ليبرمان، وتصيب نتنياهو بداء الاكتئاب!
فليس فقط لأن الشارع الفلسطيني يعشق لغة السلاح وتعابير المواجهة ينبغي إتخام ذاكرته بما لذّ وطاب من توصيفاتها، بل كذلك لتذكيره بأن (قيادته) ما زالت على عهد النضال والثورة، حتى وهي غارقة في وحل العلاقات السياسية والتطبيعية الحميمية مع عدوها، وهي حميمية لدرجة أن إحدى الوكالات الفلسطينية المعروفة لم تجد غير عنوان يضرب على الوتر العاطفي لتنعت به لقاء محمود عباس بوفد من طلبة الجامعات الإسرائيليين، فقالت "ماذا فعل أبو مازن بقلوب طلبة الجامعات الاسرائيلية؟".. هكذا توهمت أو حاولت إيهام الغاضبين من اللقاء، بأن ثمة تغييراً (شعوريا) جذرياً قدّ حل فجأة بقطاع طلبة الجامعات في إسرائيل على خلفية اللقاء، وكأن جيلاً نشأ في أرض يراها موروثة عن أجداده، وتجنّد عسكرياً لخدمة جيشها ولدرء خطر من يحاولون زعزعة أمنه، يمكن أن تخلخل قناعاته كلمات موغلة في استجداء السلام وإنكار الحقوق وبذل ماء الوجه في سبيل إظهار نوايا الفلسطيني (المسالم)!
ليس بعيداً عن محاولات إلباس نهج التسوية العاري رداء (التقوى) العسكرية، تكمن حرب تمييع القضايا واللعب بالكلمات التي تخوضها أجهزة الأمن التي تسالم عدوّها وتخاصم شعبها، فلا ينفكّ محققوها وهم ينتزعون المعلومات من ضحايا بطشهم يمارسون محاولات بلهاء لغسل أدمغتهم، فيمنحون التنسيق الأمني بعداً وطنياً تتطلبه المصلحة العليا، كون (المعركة الدبلوماسية) الافتراضية التي يخوضها الرئيس وفريقه تتطلب هدوءاً قاتلاً على جبهة الواقع، وفرصة لإنجاحها غير قابلة للتعكير، ولو بزجاجة حارقة يرشق بها الشبان المنتفضون على الحواجز جيش الاحتلال.
ليس هناك ما يجلب الغرابة أو الاندهاش في كلّ سياسات السلطة مهما أوغلت في الانبطاح، إنما الغرابة فقط من قابلية المصطلحات والتوصيفات للتزييف في المشهد الفلسطيني، إذ لن تكون هناك مشكلة أبداً لو تسمّت الخيانة باسمها، وافتخر المطبّعون بتطبيعهم، وكشفوا عن نواياهم، وأبرز وكيل الاحتلال مهنته حين ينوب عنه في مهمة، بل حتى لو بقي اسم تلك العملية خطَّ تسوية أو حلّاً سلمياً أو مفاوضات طويلة الأمد.. أما السطو على (المقامات العليا) للألفاظ، وحشوها برديء المعاني فهي جريمة أخرى، لأن فيها سطواً آخر على عقول الناس، وعبثاً بذاكرتهم، ومحاولةً لتهيئتها لتقبّل الانحطاط إذا ما غيّر رداءه التقليدي، أو البكاء خشوعاً بين يدي الثعلب إذا ما خرج يوماً "في ثياب الواعظين"!
الجمعة، 14 فبراير 2014
الخميس، 13 فبراير 2014
الاثنين، 10 فبراير 2014
المصالحة بين وردية الشعارات وأشواك الواقع!
لمى خاطر
كان رأيي دائماً أن المدخل الذي يعالج من خلاله ملف الانقسام غير سليم
ولا كافٍ لإنهائه، ولا يضمن عدم تعميق الشرخ بدلاً من رأبه. فضلاً عن أن التصوّر
بأن عجلة المصالحة ستدور بمجرّد تشكيل حكومة جديدة وتحديد موعد للانتخابات هو وهم
كبير وإسهام في تضليل الجمهور وصرف أنظاره عن مسببات الانقسام الحقيقية.
أحاديث وجلسات المصالحة الفلسطينية لم تعد سوى مناسبة لجلب الملل
للمتابعين، لأنها ببساطة معبأة بشعارات وكلام وردي لا رصيد له، من طراز (ترتيب
البيت الفلسطيني) و(طي صفحة الانقسام) و(بناء مؤسسات واحدة) و(تأسيس شراكة وطنية)
و(التوحد لمواجهة الاحتلال)، مع العلم أن هذه الأخيرة لا تكفلها مصالحة غير متأسسة
على دستور وطني يضمنها ويمنع من محاربتها، فضلاً عن أن كل هذه الشعارات تتجاهل أصل
المشكلة وفصلها والمتعلقة بالكيان السلطوي وسياساته الأمنية والاقتصادية
والسياسية، التي لا تستوعب ولا تتيح إقحام أي برنامج مختلف على مسارها.
ولعلّ حركة حماس هي الطرف المعني أكثر من غيره في تصوّر وتوقع
السيناريوهات المختلفة التي ستعقب الانتخابات والعلاج السياسي المتسرّع لملف
الانقسام، كونها لا تعيش أوضاعاً مريحة، وخصوصاً في الضفة، ميدان السلطة الحقيقي،
وهنا أرجو ألا تتصور الحركة أنه سيكون مقبولاً (وطنيا) أو معقولاً (منطقيا) أن
تشارك في إدارة سلطة مسقوفة بإملاءات الاحتلال واشتراطات حلفائه.
ولكن التأمّل قليلاً في واقع ما بعد مرحلة الانتخابات مطلوب بشدّة، ففي
حال فوز حماس مجدداً في الانتخابات (وهو خيار غير مستبعد)، فعلى الحركة أن تكون
متأكدّة أنّ سيناريو 2006 سيعود من جديد؛ الرفض الفتحاوي، الحصار الإسرائيلي،
الاشتراطات الدولية، وغير ذلك من تبعات، وحينها سيخرج محمود عباس ليقول إن الخبز
أهمّ من الديمقراطية، بل ومن المقاومة أيضا، وإن على حماس أن تتحمل أعباء السلطة
ولو على حساب برنامجها (المتعنت)، وهنا؛ ما هي حاجة حماس للتورّط في أعباء سلطة
تحت الاحتلال، بلا أفق سياسي ولا حتى فرص للإصلاح والتنمية الداخلية؟ وفي وقت لن
تفيدها فيه شرعيتها الجديدة أو تجعلها في مأمن من استهداف الاحتلال!
أما في حال خسارة حماس أو تراجعها، فما الذي سيضمن لها عدم المساس
بقوّتها المقاومة في غزة ومعها بقية التشكيلات العسكرية؟ وماذا سيكون مصير مؤسستها
الأمنية التي بذلت جهوداً كبيرة في تأسيسها؟ ضمن بيئة نظيفة أمنياً وبعيداً عن
الخضوع لإملاءات الاحتلال، وذلك على خلاف المؤسسة الأمنية في الضفة التي تكاد تكون
ملحقاً بأجهزة الأمن الإسرائيلية.
ألم تكف السنوات الفائتة لإيضاح أن الخلاف في الساحة الفلسطينية
يتجاوز البرامج إلى الدور الوظيفي والعقيدة الأمنية وطبيعة العلاقة مع المحتل؟
فليست القضية هنا من يكسب السلطة أو يخسرها، ولا من يؤسس الحكومة أو من ينسحب
منها، بل ما هو مستقبل المشروع الوطني وفي القلب منه قضية المقاومة؟ وكيف سيكون
ممكناً استئناف هذا المشروع أو ضخ الحياة فيه فيما الموجود على الأرض سلطة تتنفّس
بإرادة هذا المحتل وتتموّل بإذنه، وتشرف أمريكا وإسرائيل على قواها الأمنية،
وتسلّحها وفق ضوابط معينة؟!
تعلّمنا قديماً أن فلسطين لا تتحرر بالأمنيات، وبما أن موضوع المصالحة
أصبح اليوم في عرف السياسيين أهمّ من مشروع التحرر، فلا بدّ من القول أيضاً إن
المصالحة لا تتحقق بالأمنيات أو الكلمات الوردية الحالمة حول مستقبل موهوم سيعقب
الخطوات العرجاء المنتظر أن تفضي لها.
فكروا مليون مرّة في سلبيات هذا الكيان السلطوي وفي الضريبة المطلوب
دفعها ممن سينخرط فيه، ومرة في إيجابيات أجواء الوفاق إذا ما بُنيت على أساس هشّ!
الخميس، 6 فبراير 2014
الاثنين، 3 فبراير 2014
الأخطر من حلول التصفية!
لمى خاطر
كلّنا (تقريباً بلا استثناء) نستعير مصطلح (الحلول التصفوية) للقضية
لنعت اتفاقات التسوية المتعاقبة في تاريخ فلسطين المعاصر، والتي يتم توقيعها عادة
بين الاحتلال والطرف الفلسطيني القابل للتنازل والتفريط، برعاية جهات دولية يمكن
تصنيفها ضمن حلف الاحتلال فقط، وليس كوسيط بين الطرفين.
وليست الإشكالية هنا في التوصيف أو المصطلح بحدّ ذاته، إنما في
تجاهلنا أحياناً أو نسياننا القضية الأساسية التي تمثل الخطر الحقيقي على فلسطين
وهي خضوعها للاحتلال، فالاحتلال كان وما زال خطة التصفية المركزية التي استهدفت
فلسطين أرضاً وشعباً وحضارة، وكل ما طرأ لاحقاً من تسويات أو حلول ترقيعية يعدّ من
إفرازاته ونتائجه المباشرة.
وهنا لا ينبغي الاعتقاد بأن خطة كيري بتفصيلاتها الكثيرة تفوق خطراً احتلال
القدس وحيفا وعكا ويافا وتهويد مناطق الخط الأخضر منذ عشرات السنين بعد تهجير
أهلها وتغيير معالمها، ولا الاعتقاد بأن الاتجاه لجعل الضفة الغربية مجرد كانتونات
مفككة خاضعة لكيان إداري هشّ يسمى السلطة سيكون مختلفاً في درجة سوئه عن واقعها
الحالي القائم منذ سنوات.
لا أقول هذا للتهوين من مخاطر خطة كيري، ولا للتشكيك في جدوى
مناهضتها، بل لأن الأصل أن تكون النظرة الوطنية شاملة وغير جزئية، لأن تركيز
الأنظار على واقع الضفة الغربية وغزة فقط واستبطان الشعور بأنها وحدها الكيان الذي
ينتمي لنا وننتمي له كفلسطينيين هو اتجاه خطير للغاية، ليس فقط لأنه يغفل أصل
القضية وجوهرها ويسقط من الذاكرة كل جرائم الاحتلال السابقة، بل كذلك لأن الضفة
عملياً خاضعة لاحتلال مباشر، يطال الأرض والإنسان والموارد وكل مواقعها
الاستراتيجية، وما من مكان فيها يعجز الاحتلال عن الوصول إليه. ولذلك فحين نصف خطة
كيري بالتصفوية فليس لأنها ستفرز ما هو أخطر من الواقع الحالي بل لأنها تطمح
لإنهاء الجدل التفاوضي والسياسي حول القضية الفلسطينية وفق أوهام ما يُسمى بالحل
النهائي، غير أن قضية فلسطين تحديداً أثبتت وتثبت دائماً أنه ما من إمكانية لوضع
نهائي فيها ما دامت محتلة.
أما الخطورة الحقيقية التي ينبغي التركيز عليها عند تناول وتداول (خطة
كيري) وغيرها من حلول للتسوية فهي أثرها المباشر على المقاومة، أي على العامل
الوحيد القابل لمناهضة الإشكال الوحيد وهو الاحتلال. وقد كان الخطر الحقيقي
للاتفاقات السابقة متمثلاً في نجاحها (جزئياً أو كليا) في مراحل معينة بتصفية
المقاومة أو تجريمها، أي أن التصفية التي تترتب على هكذا تسويات أو خطط للحل هي
تصفية المقاومة وليس القضية، لأنه لن يمرّ على قضية فلسطين ما هو أخطر وأسوأ من
احتلالها، ومن الخطأ الاعتقاد بخطورة إجراءات الاحتلال أكثر من حالة الاحتلال
نفسها. وحالة الاحتلال هذه لا تواجه إلا بالمقاومة وبتركيز ثقل المشروع الوطني
ليخدم هذا التوجّه ويساعد في تمتينه.
بناء على ذلك، لا ينبغي أن يكون مقياس البطولة الفلسطينية رفض بعض
المقترحات أو التحفظ عليها، بل الموقف من عملية المقاومة هو المعيار الأهم، وهو
القاعدة التي ينبغي الاحتكام عليها وإليها، هذا إن كنّا فعلاً ندرك أصل مشكلتنا
ومعضلتها، فهذا الإدراك سينبني عليه تلقائياً وعي بمركزية قضية المقاومة في
المشروع الوطني لمن يواجهون الاحتلال ويتحدثون عن ضرورة إنهائه، وسينبني عليه
أيضاً وعي بضرورة عدم الاغترار بأنصاف أو أرباع المواقف لأي قائد أو فصيل يزيّن
خطابه بالحديث عن رفض التنازل عن الحقوق، ويحسب نفسه على مشروع التحرّر، فيما هو
عملياً محارب للمقاومة فكراً وسلوكا، فضلاً عن كونه رهان الاحتلال وأحد أهم عوامل
استقراره!
كل توجّه يمكّن للمقاومة ويحترم خيارها ينبغي أن يُحترم ويُدعم، لكن
اللسان الذي يجرّمها واليد التي تحاربها لا يستحقّان المكافأة، حتى لو بدا لبعض
(العقلاء) أن المرونة تتطلب تجاهل الأصل والانشغال بما تتطلبه المواقف الفرعية أو
الناقصة، انخداعاً بإيحائها المباشر وتغافلاً عن وجهها الآخر.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)