الاثنين، 31 مارس 2014

أردوغان.. قليل من الشعارات، كثير من الإنجازات



أردوغان.. قليل من الشعارات، كثير من الإنجازات
لمى خاطر


حين طالعتنا الأخبار صباح أمس بفوز حزب الحرية والعدالة في تركيا بالانتخابات البلدية قلت إنه صباح مختلف؛ ليس لأنه حمل إلينا بشارة فوز حزب جدير بالنجاح.. بل لأن الخيبة ستخيّم اليوم على مضارب الأوغاد والفاشيين والطغاة، والمنحرفين أخلاقياً ونفسياً وسياسيا، وكل من راهنوا على السراب فحصدوا حرّ رمضائه .

ولعل الحديث عن الإنجازات المتتالية لأردوغان وحزبه منذ عشر سنوات لم تعد قضية تحتاج جلب الشواهد عليها، لكنها مهمة لإثبات دورها في فصد دمامل الأزمات المختلقة التي حاولتْ محاصرته قبل مدة وجيزة، وانتظرت أن تحصد نتيجة (تاريخية) في صناديق الاقتراع، رغم أن الرجل ظلّ مطمئناً في تصديه لها لكلمة الصندوق، مؤكّداً أنها ستفاجئ خصومه وتكبّدهم خسارة وخيبة بعد سلسلة المكائد التي صنعوها.

لم يكن أردوغان هنا يستند إلى خصائصه الكاريزمية ولا إلى تعويله على آلة قمع ستخضع الرقاب له، بل إلى إرثه الناجح، ويقينه بأن إنجازات حزبه العظيمة ستتكفل بالدفاع عن موقفه، لأنها ملموسة ومعاشة، وليست مجرّد شعارات محلّقة أو وعود جوفاء.

لستُ ممن ينادون بتطبيق تجربة العدالة والتنمية بحذافيرها في ساحات أخرى دون إدراك تمايز وخصوصية كل ساحة، لكنني أؤمن أن روح التجربة الرائدة للرجل ولحزبه على حدّ سواء تستحق دراسة مطولة؛ واعية وعميقة، لاسيما أن بعض المنبهرين بالتجربة لا يشدهم لها غير قشورها، أو فقط تلك الجوانب الهامشية التي لم تكن نقطة ارتكاز النهوض والتفوق وتحقيق الإنجازات.

يستحقّ أردوغان وحزبه الفوز مجدداً بثقة شعبه، وتستحقّ تجاربنا المختلفة تقييماً يعاين مسألة الجدوى والإنجاز، أما زعماؤنا على اختلاف مواقعهم فيحتاجون زهداً في الشعارات وتقليلاً من كمية الوعود، وأن يدركوا ضرورة أن يدع المرء أفعاله تتحدث نيابة عنه وتتكفّل بإفشال المؤامرات من حوله.

الفوز المتواصل لأردوغان في جميع المحطات الانتخابية منذ عشر سنوات لم يكن مرده بالدرجة الأولى الهوية الإسلامية لحزبه، خصوصاً أنه كان يصارع وسط لجج العلمانية المتطرفة، وفي أوساط مجتمع غُيّب طويلاً عن هويته، بل لأن الرجل زرع فحصد؛ زرع بذور التنمية والعدالة التي يحملها اسم حزبه، فحصد مبايعة واقتناعاً بأهليته لمواصلة القيادة.

ولذلك؛ فحتى حين اتهمه خصومه بالفساد والقمع وسوء الإدارة ولفقوا له الاتهامات، بدا مستعداً لرد الصاع صاعين لهم، ولكن بالقانون، ووفق آليات عادلة، أي أنه لا مكان للغة المجاملة مع المفسدين والخائنين، ولعل هذا درس بليغ ومهم ينبغي على أصحاب النوايا الحسنة في السياسة إدراكه ووعيه، فالرجل لم يمدّ يده لمصافحة حابكي المؤامرات بل لقطع دابرهم ودك أوكارهم كما قال !

وبعد أن كشف هؤلاء كلّ أوراقهم وشخوصهم مؤخراً نظراً لمراهنتهم على خسارته، يبدو أن السنوات القادمة سيكون عنوانها الأبرز تطهير مؤسسات الدولة من بقايا قبضة الدولة العميقة، وبؤر المافيات السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما يعني صناعة الاستقرار في أركان الدولة، وصياغة معالم حكم دستوري عادل وشفّاف، وعصيّ على الاختراق من أخطار الانقلابات الداخلية أو مؤامرات العبث الخارجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق