الاثنين، 27 يناير 2014



ثورة يناير وصكوك الغفران!
لمى خاطر

في خضمّ النقاشات واللقاءات والاحتفالات التي رافقت إحياء الذكرى الثالثة لثورة يناير برز كثير من التناقضات والمغالطات المرافقة، ولعلّ أكثرها إدهاشاً كان احتفاء رموز ومؤسسات نظام الانقلاب بها، أي نظام مبارك نفسه مع تحديثٍ أكثر سطوة وإجراما.

ومع أنه لا ينبغي لمثل هذا الأمر أن يثير استغرابا، كون المشهد المصري (وخصوصاً بعد الانقلاب) أصبح طافحاً بكل الغرائب ليس ابتداء بمحاكمة الرئيس مرسي بتهمة الهروب من سجون مبارك الذي قامت عليه الثورة أصلاً وليس انتهاء بادعاء محاربة إرهاب الإخوان ومناهضي الانقلاب فيما هم يُقتلون في الشوارع بدم بارد وهم عزّل لا يملكون سوى حناجرهم. إلا أن جرأة نظام الانقلاب على استغفال الجمهور ما زالت تثير في النفس مرارات كثيرة.

وفي خضمّ المشهد الاحتفالي برزت أيضاً نتوءات تحمل من التناقض والتضليل أكثر مما يحتمله استحضار تلك الثورة، لأنه بدل أن تُستغل المناسبة لإعادة تشكيل طيف الحراك الثوري، كما طالب الثوار الحاليون في الميادين، رأينا أن كثيراً من (نجوم الثورة) التي ضمنت لنفسها لقب (ثائر) أو (حركة ثورية) تمعن في إرباك المشهد حين تفترض أن الزمن توقف عند ثورة يناير، وكأنه لم تجر تحت جسرها مياه كثيرة خلال السنوات الثلاث، وهي مياه كانت كفيلة بجرف أوهام عديدة وإجلاء المشهد عن حقائق يفترض أن يجري التركيز فيها، بدلاً من اجترار تفصيلات لا تقدّم ولا تؤخّر.

إنما حقيقة الأمر أن جزءاً ممن شاركوا في ثورة يناير ومنحوا أنفسهم صكوك غفرانها ثم تحالفوا لاحقاً مع العسكر وزيّنوا انقلابه في سبيل الخلاص من خصم قوي على الساحة، هؤلاء فرغت بضاعتهم إلا من الهجوم على الإخوان واستحضار أخطائهم السابقة الاجتهادية، رغم أن جميع القوى أخطأت وأساءت التقدير ولم تفهم حقيقة الدولة العميقة وسياستها بالتضحية بمبارك لصالح دولة الضباط إلا بعد انقلاب يونيو، لكن استمرار تركيز الهجوم على الإخوان وحدهم يرمي كذلك للتغطية على الخيانة الحقيقية التي قارفها كل ممكّن للانقلاب ومساهم فيه، ليس فقط من تمّ شراؤهم ومنحهم امتيازات لقاء جهودهم في حلف العسكر، إنما أيضاً أولئك الذين اعتقدوا أن مجرد المشاركة في ثورة يناير قد منحتهم صك غفران أبدي، فلا يهمّ ما فعلوا بعدها، ولا يعني شيئاً أنهم صمتوا عن نصرة المذبوحين في الشوارع وعن عشرات آلاف المعتقلين، وعن قوانين الفاشية الجديدة التي يراكمها حلف العسكر بعد إزاحة الإخوان عن المشهد السياسي واعتبارهم حركة إرهابية بقرار (حكومي)!

لا بدّ أن يقال الكثير هنا حول الكيدية والأحقاد السياسية، وحول الغفلة وانعدام الرؤية وتيه البوصلة لدى كثير من النخب والحركات السياسية، حتى تلك التي تصنّف نفسها ثورية، رغم أنها تقاعدت بعد عام من الثورة، ولم يتم استحضارها إلا للمشاركة في مشهد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، ولا بدّ من التذكير أيضاً بأن تلك الانتخابات لم تكن حكراً على الإخوان وحدهم، بل شاركت فيها جميع التيارات والأحزاب والائتلافات الشبابية، وحتى الرموز التي كانت تعتقد منذ البداية بضرورة هدم مؤسسات الدولة وليس إصلاحها بالتدريج. وبالتالي، لا يجوز الآن محاكمة الإخوان وحدهم بأثر رجعي على اجتهاد خاطئ ساهم فيه الجميع، وفي كل الأحوال لا يمكن وضع الاجتهاد السياسي الخاطئ في سلة واحدة مع خطيئة منح غطاء للإجرام ونهج الإبادة الدموي الذي يجري الآن.

ولو أن هناك تيارات حقيقية حريصة على استكمال الثورة أو ما يُسمى (تحقيق أهداف ثورة يناير) فلن يكون صعباً التلاقي على نقطة ارتكاز جامعة تشكّل انطلاقة جديدة لمناهضة حكم العسكر ومؤسساته وأدواته. أما اختيار بعض ثوار الأمس الاكتفاء بهالة صنعتها لهم ثورة يناير واعتقادهم أنها تمنحهم الحق في التنظير وتوزيع أوصاف الثورية من عدمها على الآخرين فهذا نوع رديء وخاسر من التجارة، لن يلبث أن يتجاوزه الزمن. فيما سيكون الظفر من نصيب من صمد وقاوم حتى النفس الأخير، وتحدّى أعتى آلة دموية في تاريخ مصر المعاصر.

الأحد، 26 يناير 2014

لا يُمكن أن أصدّق بأن هناك من يفوق - ثوريةً وطُهراً ونبلاً - ذاك الذي يحرص على النزول يومياً للميادين مضحّياً باستقراره وتفاصيل حياته، ومتنازلاً عن مستقبله الدنيوي

هؤلاء الكبار يخطّون مساراً للأمة كلها، ويكدّسون في وعيها دروس الصمود والثبات والإصرار، ونبذ اليأس والخوف والهوان.
انتهت احتفالية (25 يناير)، عاد الانقلابيون إلى استكمال مسار فاشيتهم، ولزم مراهقو الثورة بيوتهم على أمل العودة في العام القادم أو المناسبة القادمة للحديث عن دورهم في الثورة..

ولم يبقَ في الشارع إلا الثوار الحقيقيون، هؤلاء الذين أتمنى أن يطول أمد الثورة قليلاً لأجلهم، وحتى يستبين لعميان القلوب الثائر من الجبان!

السبت، 25 يناير 2014

رابعة وما أعقبها من صمود أسطوري للإخوان في الميادين جبّ كلّ ما قبله من أخطاء لهم في التقدير السياسي، لأن المحصلة أنهم التيار الأكبر والأهم الذي ظل واقفاً في مواجهة العسكر.

وكذلك، خيانة ما يُسمى بـ (الحركات الشبابية) لثورة يناير عبر مشاركتهم في انقلاب العسكر جبّ كلّ حسناتهم السابقة، ولم يعد من حقّهم التنظير باسم الثورة.

الجمعة، 24 يناير 2014

واضح أن استمرار التظاهرات في مصر كل تلك الشهور يشكّل مصدر القلق الأكبر لسلطة الانقلاب، واللجوء لافتعال تفجيرات اليوم بغرض تخويف الناس من النزول غداً للشارع هو مؤشّر إفلاس وارتباك كبيرين!

لكنّ ما تنساه أو تتناساه تلك السلطة أن هؤلاء المتظاهرين في ظل القمع والقتل والاعتقال قد امتلكوا حصانة نفسية ضد الخوف والترهيب، ولذلك لن يحول مزيد من القمع بينهم وبين الشارع، ومن يخسر وسيخسر فقط هم المقامرون والمرتبكون الذين غدوا أضحوكة للعالم في خطابهم وأنموذجاً للفاشية والغباء في ممارساتهم!

الخميس، 23 يناير 2014

ذات يوم قالت لي صديقة إن ما يحدث في الضفة الغربية أسوأ مما يجري في أية بقعة في العالم، وإن أية ساحة أخرى لا تعيش ما نعيشه. ولم أوافقها الرأي يومها

لكنني اليوم أجدني أقرب للاقتناع برأيها، ليس لأن حجم الأذى الذي يطالنا هنا لم يمرّ على أحد، فهو هيّن مقارنة بما تتعرض له شعوب أخرى.. ولكن حين يكون عليك أن تُستنزف على جبهتين (الاحتلال والسلطة)، وأن تُلاحق على الفعل الواحد مرّتين، وأن تختلّ بوصلتك رغماً عنك، وأن يداهمك القرف أو يكبّلك الإرهاق، وأن تزكم أنفك رائحة الخيانة المقنعة بشعار (المصلحة الوطنية)، عندها ستعرف أنه ما من مأساة تفوق مواجهتك بصدر أعزل جبهتين مفتوحتين على مدار الساعة!

وكما قال أبو الطيب:
وسوى الرومِ خلفَ ظَهرِك رومٌ ** فعلى أيّ جانبيكَ تميلُ؟!
قصة قصيرة جداً

طوّقه في ذلك المساء اكتئاب متواصل، ما من شيء كان كفيلاً بنزع فتيل احتراق روحه، لا هالة الاحتفاء التي تحفه حيثما اتجه، لا بساتين قلبه المزروعة بياسمين محبيه، لا الوجوه دائمة التطلع إليه، ولا نجاحاته وإنجازاته التي تتراكم بسرعة فتنسيه طعم الهزائم الصغيرة!

كان غارقاً في اعتقاده بفداحة عجزه، ليس عجزه عن فعل ما يشاء، بل عن قول ما يريد وتفريغ ما يتكدّس في محابره.. خنقته الحرية التي سيّج بها قناعاته حين اكتشف أنها موهومة، ووجدها تضيق في مساحات معينة فلا تتيح له اجتيازها، رأى كيف أنّ الحرية أيضاً يمكن أن تتواطأ ضده فتفصّل له ثوباً بلون واحد ومقاس محدد..

عرف مكمن عزائه، لكنه بقي عاجزاً عن استحضاره، لأن اكتراثه بكلام الآخرين وانطباعاتهم حاصر وعيه، وصدّع جدران شجاعته، وأرغمه على الانصياع!
فيما يستعدّ أحرار مصر لخوض موجة ثورية ثانية بالتزامن مع ذكرى ثورة يناير، تبالغ وسائل الإعلام في تركيزها على رموز ما يُسمّى بالحركات الثورية، هؤلاء الذين لا تُسعفهم طاقتهم سوى للحشد لتظاهرات في مناسبات معيّنة، ويعلو صراخهم في إدانة الإخوان؛ التيار الذي برهن على صلابته في الميادين، وقدّم من التضحيات ما لم يقدّمه كل الآخرين مجتمعين!
 
من يحلم بإسقاط الانقلاب لا يفتعل معارك جانبية مع التيار الأثقل وزناً والأكثر صموداً والأكبر تضحية، بل يسعى للتوافق معه على قواعد وأساسيات للتحرك والغايات، وقبل ذلك مطلوب منه أن يقدّم اعتذاراً صريحاً عن مساهمته في الانقلاب الدموي، وعن خيانته دمَ آلاف الشهداء في الميادين، وعشرات آلاف المعتقلين من مناهضي الانقلاب وحكم العسكر!
 
 

الأربعاء، 22 يناير 2014

ذاك الجندي المرابط على الثغور، وذاك القائد القريب من نبض رصاص عساكره، وتلك الكتيبة المنشغلة بصنع ترسها، وتلك الوحدة الواقفة في الخندق.. كل هؤلاء أقدر على إبصار اتجاه الريح ممّن سواهم!

الثلاثاء، 21 يناير 2014

للدماءِ ذاكرتُها، طويلة كدروب طلّاب الفجر، رحبة كمدى بنادقهم..

وللذاكرة دماؤها، سخية كدموع الثكالى، مجنّحة كأشرعة المراكب

صور الإجرام والفاشية التي نشرتها وكالة الأناضول حول تعذيب السجناء السوريين في زنازين النظام لم تُثر الضجة التي أثارتها نظيرتها التي خرجت من سجن (أبو غريب) قبل سنوات..

ربما لأن فاشية النظام السوري (كما معظم أنظمة العرب) معلومة بالضرورة، والكشف الموثّق لها لن يضيف للحقيقة شيئا، ولن يكون هناك مؤسسات قضائية تحقق وتحاسب أو رأي عام يهتاج من تلك المشاهد..

غير أننا هنا، نكتشف مجدداً كم أن الإنسان رخيص في أوطاننا، وكم أن آدميته قابلة للاستباحة، وكيف أن ما لا يجوز اعتياده يصبح أكثر من مألوف لدينا!
أنت لستَ أنت حين لا تعود تستطيب ماء معينك الأول، وحين تنكر الأبجديات التي صاغتك، وحين تتصنّع وعياً يلوذ بالحيادية في أوان الفرز، وحين تناصر عشيرتك في قوّتها وتخاصمها في محنتها!

الاثنين، 20 يناير 2014



عن الوحدة الوطنية؛ شعارا وشعورا
لمى خاطر

في جميع أوطاننا تقريبا، يفقد تعبير (الوحدة الوطنية) بريقه وجاذبيته بمجرد أن يتردد على ألسنة المسؤولين وفي أروقة الندوات والمحاضرات، وعلى شاشات الإعلام، بل ويغدو أثره في نفس المتلقي النبيه باعثاً على النفور والملل واستشعار الرتابة المقيتة!

من يشغلون مواقع السلطة في الأوطان العربية يكاد التشابه في خطابهم الجماهيري يتطابق في أدقّ مفرداته، مثلما أنه يخلّف وقعاً مشابهاً لدى المستمع الذي يعي أن الكذب يغلّف كل ما يصله من شعارات ومطالبات.

غير أن الزيف يبلغ مداه حين تكون إجراءات تلك السلطات تؤدي فقط إلى تمزيق المجتمعات وطعنها في كرامتها ومحاولة إبادة وعيها وإلزامها بتبني روايات الرسميين ومنظومتهم في الرؤية والحكم على الأمور، ومن جهة أخرى حين يكون مطلوباً من ضحايا القمع أن يُسقطوا حقوقهم وأن يقرّوا (بعدالة) كل انتهاك صدر بحقّهم، وأن يكفوا عن الشكوى والاعتراض والغضب، وأن يُفسّر نضالهم لأجل حقوقهم أو غضبهم من انتهاكها بأنه جالب للفتنة ومهدد للوحدة الوطنية!

يتساوق كثيرون مع هذه النمطية المجحفة، ومنهم أكاديميون وكتاب وإعلاميون يُفترض أن يكون التزامهم بدورهم التنويري حاثّاً على رفض الانصياع لمنطق السلطة الحاكمة وما فيه من زيف وإجحاف واستغباء للناس. لكن مصالحهم أو خصوماتهم مع أصحاب المظلومية تأبى عليهم إلا التجنّد خلف الطرف القوي، ومباركة خطابه والنفخ فيه، والمساهمة في تعزيز حالة الضياع وميوعة الفهم، ومراكمة الأعداد التي تستسلم لمفردات التضليل البالية، وتغضّ الطرف عن مسببات الفتن وتهتك الوحدة، لتتفرغ لمحاكمة النتيجة والقدح في عناصرها، بتجريم ردّة فعلهم، أو على الأقل مساواتهم بأصحاب الفعل، والبقاء في دوامة النداءات المطلقة المطالبة بتجاوز الخلافات ورأب الصدع، دونما التفات لمسببات الأزمة أو عوامل إدامتها.

في كل التجارب الإنسانية، سَهُل التعامل مع الفتن الحقيقية المفتعلة من عناصر أو مجموعات غير مرتبطة بالسلطة الحاكمة، لكن الفتن الأصعب التي تحدث شرخاً عميق الغور في المجتمعات يصعب ردمه هي تلك التي تفتعلها الأنظمة أو السلطات، وتُغذيها وتزيّن لها، أو تحاول طمس آثارها مركّزة على ما هو مطلوب من الضحية وحسب، لأنها بهذا تريد للضحية أن تكون أنموذجاً يعلّم بقية الجمهور المذلّة والصَّغار والتنازل إكراماً لمفردات (كبرى) يتم حشدها والتلاعب بمدلولاتها كالاستقرار والأمان والتوافق والمصالحة المجتمعية ونحو ذلك، وهي مفردات تبدو خلّابة لجمهور المشتغلين بالإعلام وموجّهيه الذين يعيدون صياغتها في قوالب شتّى تعزّز فقط من مواقف الأنظمة، وتُصلّب قوام خطابها، وتسوّغ أيضاً كل ممارساتها القمعية. بل قد يصبح القمع وانتهاك الحقوق والحرمات، والحجر على الضحايا من مقوّمات ذلك الاستقرار الموهوم الذي ينادي به ممتهنو النفاق السياسي والفكري.

تراهن الأنظمة دائماً على عاطفية الجمهور واغتراره بالشعارات من جهة، وعلى قابلية الضحية للتسامح من جهة ثانية، خصوصاً حين تكون الضحية مستندة إلى بناء أخلاقي يُلزمها بنهج معارضة غير دموي. ولذلك نجد الأنظمة غير عابئة بتبعات ما تُقدم عليه من فعل ابتداءً مهما كانت وطأة إجرامه ثقيلة، لأنها ضمنت مسبقاً أن ردود الفعل لن تشابه إجراءاتها، وبالتالي لن تحمل تهديداً حقيقياً لها، ولأنها تعي أن استثمارها لاحقاً في خطاب استجلاب الأمن والاستقرار سيرغم شريحة مؤثرة من النخب الضالة على مساعدتها في إسكات الضحايا، بل وعدّ صراخها أو تألمها وتعبيرها عنه مدخلاً للفتنة ونافياً للاستقرار.
مثلما أنّ دأبَ الإنسان أن يتوق إلى ما لا يمتلكه، وأن يأسرَه ما لا يُتقن هو قوله، فإن أولئك (الاستثنائيين) تطلّعوا إلى ما يفتقده غيرهم، فأنجزوا ما عجز الآخرون عنه، حتى وهم يعلمون أن حياتهم ستُبذل على الدرب!

الأحد، 19 يناير 2014

إنه أحد (المنسيين)..!

حجازي القواسمة، من مدينة الخليل، ما زال معتقلاً في سجن العار الفلسطيني (أريحا) منذ نحو شهر، وممنوع من الزيارة بحجة التحقيق معه

وهو بطبيعة الحال أسير محرر من سجون الاحتلال، وشقيق لشهيدين وعدد من أسرى المؤبدات، ومن عائلة مجاهدة قلّ نظيرها عطاءً وتضحيةً وإقداما









تجربة كتائب القسام تؤكّد (على مستوى الأمة) حقيقة مهمة..

وهي أنّ الإسلامي صاحب الفكر المعتدل قادر على إنتاج تجربة جهادية غنيّة، وعلى إنشاء جيل مقاتل ومقدام، بل إنّ خلفيته الفكرية المبرّأة من التطرف والشطط هي ضامنة استقامته وسلامة صفّه وصوابية مساره وثبات خطاه ووضوح أهدافه.

ولهذا كان حضور كتائب القسام في فلسطين على مرّ المراحل الأهم في المقاومة المعاصرة مانعاً من نشوء ثغرات في جدارها تتسرّب منها الأفكار المتطرّفة والتجارب المشبوهة.

هذه الأم، والدة الأسير المجاهد منصور الشحاتيت.. أتفاءل كلّما رأيتها في فعاليات التضامن مع الأسرى، وفي الوقت ذاته يتملّكني شعور بأن وجع كلّ الأمهات تكاثف في عينيها
هي ليست أمّاً فجعها غياب ابنها وحسب، إنما لديها طاقة فريدة ودافئة من يقين الصابرين وأملهم وإيمانهم الكبير


السبت، 18 يناير 2014

الثورة السورية وتداعياتها ثمّ أزمة اليرموك كشفت أسوأ ما في شعبنا الفلسطيني!

فصيل معروف بعدائه التاريخي لنظام الأسد يعود ليُغرم به حين يوغل في الإجرام والمجازر، وحتى وهو متورط في حصار اليرموك
تكتل فصائل صغيرة أخرى تتنافس على كسب رضا النظام ونيل الحظوة عنده

أيعقل أن يكون كل هذا بدافع الانتهازية أو المناكفة؟!

الأربعاء، 15 يناير 2014

أفضل ما يمكن أن تفعله حماس ردّاً على تهديدات متصهيني العسكر في مصر بإبادة حماس والمقاومة في غزة أن تعدّ نفسها جيداً ليوم كهذا، وألا تعتقد أنه مجرّد تهديد، لأنه حتماً سيحظى بدعم إسرائيلي وغطاء أمريكي.. وهنا على خبراء السياسة أن يتنحوا جانباً، لأن نصائحهم الدبلوماسية لن تجدي نفعاً مع هكذا سلطة فاشية وخائنة!

وأعتقد أن الإعداد للتعامل مع هذا التهديد وتبعاته أفضل من التعلّق بأوهام المصالحة، فهذا ليس زمن التسويات، وأعداؤكم سيدفعون بخيارات المواجهة إلى نهايتها!

الثلاثاء، 14 يناير 2014

ماذا يريد الطغاة ولصوص الأوطان على مرّ تاريخهم أكثر من حزب (ديني) وضيع الوسائل ومبهم الغايات، مثل حزب النور؛
يزيّف المبادئ، ويسوّغ الجرائم، ولا ينازع ذوي السلطان مكانهم، ويرتضي بما يمنحونه إياه من فتات وأدوار؟!

إنك إن ربّيت جيلاً على الفتوّة فسيحقّ لك أن تقول إنك تعدّه لمعركة التحرير، أما إن شجعته على (الهمالة) فعار أن تجعجع في احتفالاتك الوطنية بالقول إن القدس على مرمى حجر!

* الصورة من تخريج فوج (طلائع التحرير) في معسكرات الفتوّة في غزة، اليوم


الاثنين، 13 يناير 2014

اليرموك جزء من كلّ



اليرموك جزء من كلّ
لمى خاطر


حيثما وليت وجهك تطاردك عيونهم وجلودهم الملتصقة بالعظم، ففي عصر الانفتاح يتكوّم العالم كلّه في شاشتك، وتحفل المواقع والصفحات بمشاهد الجثث وصور القتلى (قبل وبعد)، وبعضها يتبارى في انتخاب أفظع صورة للعام، وأكثر مشاهد الموتى تأثيراً وإدراراً للدموع.. ذبحاً أو سحلاً أو تعذيباً في السجون!

وفي مأساة مخيّم اليرموك ليس مهما أن تتكهن بهوية الجوعى؛ فلسطينيين كانوا أم سوريين، لتقرر القدر المطلوب من الحزن والتذكّر والاهتمام، ولا حاجة للتعصّب لهويتك الوطنية وأنت تطالب كغيرك بنصرة المظلومين وإنجاد المحاصَرين وإغاثة الجوعى، فبقدر ما فيك من حسّ إنساني سويّ ستفهم أبعاد المأساة وسيشغلك جوع الضحايا، للحرية والهواء والماء والطعام.

المهم أن هناك من يموت موتاً بطيئا بسبب الجوع، وأن هناك مدى إضافياً لتهتّك جدار آخر من الأخلاق، الأخلاق التي ندر أن تحضر في جبهات القتال واعتبارات الحروب، أو الحسابات الدولية المنافقة، لأن من أجبر النظام السوري على تسليم سلاحه الكيماوي، قادر على إلزامه بفك الحصار عن الجائعين لو شاء، ما دامت السلطة نقطة ضعف هذا النظام الأزلية!

لا يجوع قاطنو اليرموك بسبب الفقر، لأن الفقر في هذا الزمن ما عاد يقتل أحداً أو يحرمه قوت يومه ولو بما يقيم صلبه، إنما يجوّعون بفعل الحصار، حصار (الممانعين) وأشياعهم من المرتزقة المحسوبين على فلسطين، والمجعجعين باسمها حتى وهم يغلقون المنافذ على المدنيين، فلا يسمحون بدخول قوتهم، ولا يُتيحون لهم الخلاص من الجحيم والنزوح عن المخيّم!

يصفع اليرموك بدوره وجه الممانعة الكاذبة، كما صفعته من قبل جميع الحواضر السورية.. يفتك بآخر أوراق المتاجرة بفلسطين، كما فتك الجوع بأمعاء أهله، وكما كشفت حجارة المدن المهدّمة حقيقة مدمني الدم والتسلّط. لكنّ اليرموك يقول للفلسطيني شيئاً إضافيا، وهو أنك إن ارتضيتَ أن تأخذ مصروف جيبك من الأغراب مقابل تأجيرهم بندقيتك فلن تشفع لك فلسطينيتك ولا شعاراتك المنتفخة، وأنك إن فتّشتَ عن طريق للقدس من بين جماجم الأبرياء فستذوب بين لعنات عظامها، ويتلاشى تاريخك كلّه، وأنك إن ظننتَ أنك جدير بالحريّة دون أشقائك فستظلّ راسفاً في أغلال العبودية.

الفلسطيني اللاجئ إلى سوريا ذاق ما ذاقه السوري اللاجئ في وطنه والرازح تحت حكم تلك العصابة، والغربة تفتك اليوم بالفلسطيني كما السوري، والظلام يحاصر أحياءً سورية كما يحاصر تلك البقع التي انتشرت فيها مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، ومثلما نزح الفلسطيني من بلاده الأصلية قبل عقود، فقد نزح السوري كذلك قبل أعوام من مدنه وقراه، وتشتّت نفر غير قليل من بنيه في بلاد عدّة، أي أن وحدة الجرح والهمّ والمصير لا تحتمل التفرقة الشعورية ولا المطالبات غير الواقعية بإغاثة الفلسطيني دون السوري، مثلما أنها لن تَحتمل مزيداً من تحامق مأجوري النظام المدّعين وصلاً بفلسطين ومشروع تحريرها، وإن كانت معركتهم لأجل البقاء تُحتّم عليه التجنّد في معارك من يموّلهم، فليفعلوا هذا دونما استحضار قضية فلسطين وحشرها في فوهات بنادقهم الآثمة، لأن نجمة صهيون لن تكون في مدى رصاصهم بعد الآن.. وما كل شيء يمكن ترميمه بالأكاذيب، أو الروايات المضللة.

الأحد، 12 يناير 2014

الكتابُ الذي يحرّك مزيج روحك يستحقّ أن تصطفيه وتبقيه في متناول يدك، لا في مجاهل الرفوف.. فكيف إن كان هذا الكتاب إنسانا؟
حتى الحريّة.. ثمّة نزعات للأنانية في تعريفها أو تصوّر الكيفية التي ينبغي أن توزّع وفقها بين الناس أو الشعوب!

إن كان يكفيك منها قطرة، فغيرُك يبحث عن الارتواء!

السبت، 11 يناير 2014

قبل قليل، شاهدتُ عبر فضائية القدس لقاءً مع المحرر من سجون الاحتلال نعيم شوامرة، من المشفى الذي يُعالج فيه، بعد عشرين عاماً من الاعتقال..

لم يكن نعيم شوامرة قادراً على الكلام، غير أن الكلمات التي تمكّن من إخراجها بصعوبة تحدّث فيها عمّن بقي خلفه مريضاً من رفاق القيد، كان أفصحَ من جَسّد أوجاعهم رغم ذوبان الحروف على شفتيه، لكنّ ألَمَهم تراءى لوحة ناطقة عبر كلمات نعيم البطيئة الموغلة في الإحساس!

ذاك جانب من قيم المروءة والشهامة التي تصوغها سنوات الأسر والمحنة المشتركة، فليس السجنُ شرّاً كلّه، إنما في وجهه الآخر يُبين معادن الرجال، ويراكم نُبلهم الفريد!

الجمعة، 10 يناير 2014

وحدهم الأحياء، والمطمئنون، ورواد المراحل.. هؤلاء الذين يملؤون شوارع مصر كلَّ جمعة

لا تتعبُ حناجرهم، لا يُسيلُ الغازُ دموعَهم، ولا يَنفذ الرصاص إلى قلوبهم، فتبقى صاعدة في صدورهم.. لا يهوي بها جزع، ولا يحاصرها يأس!
عندما تعتقل أجهزة السلطة ناشطاً مستقلاً أو منتمياً لغير حماس، نرى موجة تضامن وتفاعل كبيرة مع قضيته، أما حين يكون المعتقل حمساوياً يصمت غالبية المتضامنين وكأنّ الأمر لا يعنيهم..!

هناك من يقنع نفسه بأنها قضية من متعلقات الانقسام وبالتالي لا تعنيه، فيما يكون دافع تجاهله إيّاها الخشية من أن يتّهم بتأييد حماس أو الدفاع عنها!

وعلى العموم، أرى أن من يتضامن مع الأسرى لدى الاحتلال ويعرّف نفسه كمدافع عن قضيتهم، عليه واجب الدفاع عن المعتقلين لدى السلطة، لأن خلفية اعتقالهم هنا وهناك واحدة!

هذا لو كان لدينا مفاهيم غير مجتزأة ولا مشوّهة للشعور الوطني!

الخميس، 9 يناير 2014

المؤتمر التطبيعي في رام الله اليوم مجرد ذنب وطني صغير إذا ما قورن مع التطبيع الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تمارسه السلطة، والتي لا يمكن أن تفرز سياساتها إلا الرداءة الأخلاقية والدياثة الوطنية!
حين تنخدش الصورة مرةً، ثم تنكسر إلى أجزاء، ثانيةً، ثم تتشظّى أجزاؤها ثالثة؛ لا يعود ترميمها ممكنا!
إشكالية القاعدة، وخاصة نسختها الأكثر تطرفا (داعش)، ليست فقط في تطرفها الفكري وسهولة رمي المخالف بالردة حتى لو كان رفيق سلاح، بل في سهولة اختراقها من قبل أجهزة مخابرات عديدة، والتجربة العراقية تقول الكثير حول ذلك، والاختراق لا يطال الأفراد في الغالب بل قيادات وازنة فيها، وهذه طامتها الكبرى التي ساهمت دوماً في حرف مسارها، وجعلتها كياناً منبوذاً حتى من قبل تشكيلات قريبة منها فكريا!
يخطئ من ينتظر أن تقابِل سلطةُ فتح في الضفة مبادراتِ حسن النية من حماس غزة بمثلها، ويخطئ من يضع السلوك الأمني هنا وهناك في سياق مقارنة واحد!

الأمر في الضفة الغربية ببساطة ليس موضوع حرّيات ومعتقلين سياسيين، إنما تطبيق قانون الاحتلال في ملاحقة حماس والمقاومة، ولذلك نجد أن ما يوجب الاعتقال لدى الاحتلال يوجب الاعتقال لدى سلطة فتح، والعكس صحيح!

وما أتمناه فقط أن يلتفت ناطقو حماس لهذه القضية ويركزوا عليها بدلاً من الكلام الكثير الذي بلا فائدة حول الاعتقالات السياسية.. لأنه إن تأملتم أن تكفّ إسرائيل يوماً عن ملاحقة حماس، فتأملوا أن تفعل ذلك السلطة!

حتى لا نُفرط في التفاؤل!




حتى لا نُفرط في التفاؤل!
لمى خاطر


منذ الانقلاب في مصر كان واضحاً أن أجهزة السلطة في الضفة الغربية امتلكت نفَساً إضافياً مدّها بإلهام من نوع خاص لتعزيز هجومها الإعلامي والأمني ضد الجهات التي تمثّل المقاومة، وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي!

المجازر الدموية والفكرية التي نفّذها نظام الانقلاب كانت تعني للسلطة وأجهزتها شيئاً واحداً: نزع آخر غلالة من الحياء عن خطابها وسلوكياتها، أي الحياء الذي كان يحملها على مراعاة ردود الفعل أو التخوف من النظرة السلبية تجاهها ولو بالحد الأدنى، فرأينا على سبيل المثال جرأتها في إطلاق النار على عناصر من الجهاد الإسلامي في جنين واعتقالهم بعد إصابتهم، رغم أنها كانت سابقاً تحاول إبقاء معركتها ضد المقاومة متركّزة على حماس، لأن هذا يفيدها في تسويق تبريراتها الكاذبة أمام الإعلام والجمهور، كما يفيد فئة الجبناء والساكتين عن تلك الجرائم بالادعاء أن تلك الانتهاكات تتم على خلفية الانقسام.

دور السلطة التابعة لحركة فتح بأجهزتها المختلفة ككيان مكرّس لحماية أمن الاحتلال ومحاربة إمكانيات النهوض بالمقاومة لم يعد خافياً على أحد، لكن الغريب أن هناك من ظلّ وسيظلّ ممتهناً تقزيم إشكال القضية الفلسطينية كلّها واختزالها بموضوع الانقسام، ولستُ أبرّئ هنا أصواتاً في حركة حماس عند تعاطيها مع موضوع الانقسام والاختلاف على الساحة الفلسطينية.

هناك كثيرون ما زالوا يبنون نظريات هشّة تتصوّر أن الصلح السياسي بين الضفة وغزة سيخدم مشروع التحرر، ويُسقطون من حساباتهم –عمداً أو تغافلاً- أن قوام السلطة كلّها مرتكز على قوّة الأجهزة الأمنية، لأنها بمقدار التزامها بمحاربة المقاومة وضبط الأوضاع في الضفة والحيلولة دون اندلاع انتفاضة شعبية ستحظى بالدعم والتسليح، وسُيتاح للسلطة الاستمرار في التنفس الاصطناعي ككيان إداري. 

ومن جهة أخرى، يبدو إصرار عباس وحاشيته السياسية على البقاء في مسار المفاوضات غير المنتهي أمراً غير قابل للتبدّل، لا بالمصالحة ولا بالنصح ولا بالاحتجاج على جناية هذا الفريق بحق قضية فلسطين، وحده مسار المقاومة من سيُبطل إفك التسويات ويُعيد القطار إلى سكته الطبيعية، وإن كانت المقاومة في أضعف حالاتها في الضفة فلا يجوز أن يكون البديل البحث عن مساحيق تجميل لمشروع السلطة أو إضفاء شيء من الشرعية على سياساتها!

مطلوب اليوم من فصائل المقاومة وتلك المصنفة عليها ومعها كل من يؤمن بكارثية الارتباط الأمني مع الاحتلال والتورط في عملية التفاوض أن يراعوا في خطابهم ومواقفهم هذا الأمر، فقبل الحديث النمطي المكرور عن المصالحة وضروراتها عليهم أن يشرحوا للجمهور ماهية ومفهوم تلك المصالحة والأسس التي ستنبني عليها، أهي المصالحة المستندة إلى مشروع وطني قادر على تحرير الإرادة من التبعية للاحتلال، أم مصالحة تنتج حكومة مشوهة وتركز اهتمامها على الغرق في وهم ووحل الانتخابات التي لن تفضي سوى لمزيد من التعقيد، بغض النظر عن إمكانيات إجرائها أو نتائجها؟

ولعلّ نظرة فاصحة لتفاعلات الإقليم من حولنا، ستدلّل على عبثية المسارات الضبابية والحلول المجتزأة وعمليات الترقيع المؤقتة، فالخيارات السليمة المبصرة مواضع خطواتها تتطلّب مشاريع واضحة حتى وإن كانت أثمانها كبيرة، أما الظن بإمكانية إحداث اختراق آني في جدار غير قابل لذلك فليس إلا تبهيتاً لموقف المقاومة، وإمداداً للمتآمرين بفرصة أخرى للحياة وعدم الحياء!